عاشوراء أكمل مظهر للفداء والتضحية والثأر الإلهي وستبقى خالدة رغم الظالمين

حوارات
2022-08-05 آخر تحديث :2022-08-05 10:33

نظرا لما ورد من معلومات قيمة حول الإمام الحسين عليه السلام وعاشوراء وكربلاء في هذا الحوار الذي أجرته مجلة أنصار الحسين عليه السلام/ العدد الأول محرم عام 1428هـ، يعيد موقعنا نشره تعميما للفائدة وردا للشبهات:

نظرا لما ورد من معلومات قيمة حول الإمام الحسين عليه السلام وعاشوراء وكربلاء في هذا الحوار الذي أجرته مجلة أنصار الحسين عليه السلام/ العدد الأول محرم عام 1428هـ، يعيد موقعنا نشره تعميما للفائدة وردا للشبهات:

 

 يدعي بعض المشككين بأن الحسين عليه السلام لم يُخلد إلا من واقعة كربلاء ولولا كربلاء لما خُلد الحسين فما ردكم على هكذا افتراءات؟

ج: جميع الأئمة (عليهم السلام) اختارهم الله عز وجل لأنهم أفضل الخلق، ومنشأ الأفضلية تعود لاتصافهم بأقصى ما يمكن بلوغه لمخلوق من صفات الكمال، وتلك الصفات كافية لتخليد ذكراهم.

وهناك مظاهر لتلك الصفات تجلت في أحداث بقيت خالدة كحادثة الغدير أو عاشوراء، وبما أن عاشوراء أكمل مظهر للفداء والتضحية والثأر الإلهي فإنها ستبقى خالدة مهما سعى الظالمون إلى طمسها.

 

ما هي الأسباب التي دعت الإمام الحسين عليه السلام للخروج للحرب وعدم سلكه مسلك الصلح كما فعل الإمام الحسن عليه السلام؟

ج: لكل معصوم تكليف خاص به، وهو الوحيد الذي يعرف الأسباب التامة الموجبة للقيام بتكليفه، وقد تشير بعض الروايات الصادرة عنهم (عليهم السلام) إلى بعض الأسباب الموجبة لاختيار شكل معين من المواقف، وفي خصوص الإمام الحسين (عليه السلام) لم ترد نصوص معتبرة تشرح تلك الأسباب.

وإنما أؤكد هنا على توفر النصوص المعتبرة على أساس أن مسألة الخروج على الظالم بما يترتب عليها من قتل وغيره تعد من المسائل الفقهية التي تحتاج إلى نصوص موثقة من ناحية السند بالإضافة إلى وضوح الدلالة، وخاصة أن هناك من يدعو إلى الاستفادة من واقعة عاشوراء وتعميمها في زماننا في أكثر من موقع، وهذا ما يحتاج إلى توفر نفس الأسباب الموجبة للخروج، فإذا كان السبب هو المجاهرة بالمعاصي وإظهار الفساد وتعطيل الحدود كما جاء في رواية الطبري عن الإمام الحسين (عليه السلام) حيث قال:

«أيها الناس إن رسول الله (ص) قال: من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله ناكثا لعهد الله مخالفا لسنة رسول الله (ص) يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله أن يدخله مدخله، ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله، وأنا أحق من غيري» (تاريخ الطبري ج7 ص300)، فإن هذه الأسباب متوفرة في غير يزيد من الحكام الذين كانوا في عهد بقية الأئمة (عليهم السلام) ومع ذلك لم يتحقق منهم الخروج، ومن ثم فإننا لا نتمكن من تحديد كل الأسباب الموجبة للخروج، وإن كنا قاطعين أنه لولا خروج سيد الشهداء لاندرس الدين.

طبعا لا يعني ما ذكرته تعطيل مبدأ الخروج على الظالمين، متى ما توفرت الأسباب الشرعية التي تبناها الفقهاء، ضمن اجتهاداتهم المتنوعة، مما يعني أن المقلدين قد تختلف مواقفهم تبعا لاختلاف الفقهاء في اجتهاداتهم.

 

 ما هي أسباب خلود واقعة الطف؟

ج: إن الإمام الحسين (عليه السلام) أعطى كل ما يملكه وأغلاه لله عز وجل فأعطاه الله عز وجل أغلى هباته التي لاحدود لها، وخلود الواقعة من تلك الهبات.

 

 ما مدى أهمية تجديد ذكرى واقعة الطف على المسلمين؟

ج: إنها تغرس فيهم القيم والفضائل وتجددها، فواقعة الطف فيها الشجاعة والإيثار، والعفاف والغيرة، والمواساة والإباء، كما إنها تبين زيف المنتحلين للدين وأن الحق لا يمكن أن يتجاوز الأوصياء الشرعيين لرسول الله (ص) وهم أئمة أهل البيت (عليهم السلام).

أسئلة حول التربة الحسينية

يشكك البعض بفضيلة تربة سيد الشهداء (التربة الحسينية) ويعتبرها كأي تربة فما ردكم على ذلك؟ وهل هنالك أحاديث تثبت فضل هذه التربة؟

ج: مما لاشك فيه أن الله عز وجل فضل أزمنة على غيرها كيوم الجمعة وعيد الغدير، وفضل أمكنة على غيرها كالمسجد، وفضل الدفن في بقاع على أخرى كالغري، فلا وجه للتشكيك في فضل التربة الحسينية على غيرها، ومن حق السائل أن يطلب الدليل على التفضيل.

والروايات الكثيرة الواردة عن أهل البيت

عليهم السلام) ومنها بعض الروايات المعتبرة كافية في إثبات الخصوصية في هذه التربة إجمالا، في السجود عليها في الصلاة أو في وضع خد الميت عليها أو في تناولها للاستشفاء أو في اتخاذ السبحة منها أو استصحابها في السفر للأمان، وسأشير إلى بعض تلك الروايات تبركا.

روى السيد ابن طاووس أنه قيل للإمام الصادق (عليه السلام): «تربة قبر الحسين شفاء من كل داء فهل هي أمان من كل خوف؟ فقال (عليه السلام): نعم، إذا أراد أحدكم أن يكون آمنا من كل خوف فليأخذ المسبحة من تربته، ويدعو بدعاء المبيت على الفراش ثلاث مرات، ثم يقبلها ويضعها على عينيه، ويقول: اللهم إني أسألك بحق هذه التربة وبحق صاحبها، وبحق جده وبحق أبيه، وبحق أمه وأخيه، وبحق ولدها الطاهرين اجعلها شفاء من كل داء، وأمانا من كل خوف، وحفظا من كل سوء، ثم يضعها في جيبه، فإن فعل ذلك في الغداة فلايزال في أمان الله حتى الغداة».

وروى الكليني بسند صحيح عن ابن أبي يعفور قال: «قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): يأخذ الإنسان من طين قبر الحسين (عليه السلام) فينتفع به ويأخذ غيره فلا ينتفع به؟ فقال: لا والله، لا يأخذه أحد وهو يرى أن الله ينفعه به إلا نفعه به». (وسائل الشيعة ج14 ص522).

وروى الشيخ الطوسي بسنده عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: «حنكوا أولادكم بتربة الحسين (عليه السلام) فإنها أمان». (المصدر السابق ص524).

هل يصح ابتلاع جزء من التربة الحسينية لغرض التبرك؟

ج: الأصل هو حرمة أكل التراب إلا ما استثني، ومن جملة الاستثناءات تربة سيد الشهداء (عليه السلام)، التي ورد أنها شفاء من كل داء، ولكن الفقهاء ذكروا لها بعض الشروط التي يجب توفرها لجواز الأكل، سواء ما ارتبط بمقدارها وهو أن لا يتجاوز قدر الحمصة أو في الموضع الذي تؤخذ منه وهو القبر الشريف وما قرب منه، أو في الغرض من تناولها وهو الاستشفاء، وبما أن بعض تلك الشروط موضع اختلاف بينهم فيجب على المقلدين مراجعة الرسالة العملية لمرجعهم.

 

كما تعلمون بأن الليالي الأولى من شهر محرم الحرام تستقطب حضورا جماهيريا حاشدا وبمختلف الأعمار والكثير من هؤلاء لا يحضرون بقية المجالس التي تقام طوال العام، كيف يتم استغلال هذه الليالي بشكل أفضل بالنسبة لخطيب المنبر والرادود الحسيني والخدام الحسنيين والحضور أنفسهم؟

ج: المطلوب في هذه المجالس أن تكون مركزة ومحتوية على الأولويات فيما يحتاج الناس إليه، إذ قلما تتوفر مثل هذه الفرصة وبالحضور الكثيف الذي تشهده العشرة الأولى من محرم، ومن جملة الأولويات التأكيد على أن مجالس سيد الشهداء هي عطاء لا يتوقف وأنه يستمر إلى ما بعد العشرة الأولى، وأنها موطن البركة والرحمة، فكلما تعلق بها الإنسان أكثر شهد خيرها أكثر.

وأرى من المناسب أن يستفيد خطباء المنبر الحسيني من هذه المناسبة لبيان بعض الأحكام الشرعية التي يكثر فيها الخطأ من عامة الناس وخاصة الموجبة لبطلان العبادات كالوضوء والغسل والصلاة، فإن كثيرا من هؤلاء العوام يلتزمون بحضور المجالس الحسينية في العشرة الأولى من شهر محرم أكثر من التزامهم خطب الجمعة والدروس الملقاة في المساجد بعد الصلوات طوال العام

 

 نرى بأن بعض الخطباء والرواديد  يركزون بشكل أساسي في الليالي الأولى من محرم على قضايا سياسية أو اطروحات بحثية فلسفية وما إلى ذلك بعيدة كل البُعد عن واقعة الطف، فهل ترون أن ذلك يستحق المناقشة في مثل هذه الليالي أم أنها يجب أن تخصص لذكر واقعة الطف وما جرى على أهل البيت فيها من مصائب؟

ج: القضايا السياسية يكون عوام الناس مطلعون عليها بشكل عام من خلال الصحف والمحطات الإذاعية والتلفزيونية، فلا داعي لتضييع وقت الحضور بذلك والأهم من ذلك تضعيف جانب المصيبة التي اقشعرت لها أظلة العرش، مضافا إلى تصريح عدد من مراجعنا بتجنب هذه المواضيع لأنها تؤثر سلبا على ما ينبغي الاستفادة منه في هذه المجالس.

وإذا ما نظرنا إلى اختلاف الأفراد في تشخيص القضايا السياسية نظرا لتشعبها وإمكانية النظر لها من أكثر من زاوية فإن فتح الباب لطرح هذه القضايا سيحول المنبر الحسيني إلى موضع لتراشق الأطراف السياسية الفاعلة في الساحة وسيضعف المنبر الحسيني.

أما القضايا الفلسفية وما شاكلها فلا تتناسب مع مستوى الثقافة العامة لمرتادي المنابر، ويفترض في الخطيب أن يخاطب الحضور بما يتناسب مع مستوى استيعابهم الذهني، والمنبر الحسيني يجب أن يركز على ما ركز عليه أهل البيت (عليهم السلام) عند حلول شهر محرم وهو التركيز على جانب العزاء والرثاء والجزع على المصيبة بخلاف ما هو حاصل الآن عند بعض الخطباء للأسف حيث يحتل الرثاء جانبا صغيرا جدا من مجموع ما يطرح على المنبر.

 

 يثير البعض شكوك حول زيارة عاشوراء وسندها، فما هو ردكم على ذلك؟

ج: بعض الناس يحشر أنفه فيما لا يعنيه، فهو يريد أن يتبع الناس رأيه في رفض زيارة عاشوراء والتشكيك في مضامينها وخاصة اللعن بالرغم من أنه لم يبلغ رتبة الاجتهاد، كما أن الناس لا يقلدونه، فكيف يدعو الناس إلى مخالفة آراء مراجعهم الصريحة في أن زيارة عاشوراء من الزيارات المعتبرة وأنه لا توجد مخالفات في مضامينها؟!!

نعم لا مانع من الطرح العلمي في الأوساط العلمية، وبعض المشككين تبين وهن ما تمسكوا به وضعف شبهاتهم بعد الردود المفحمة لهم في إثبات زيارة عاشوراء سواء في سندها أو مضمونها أو في ملاحظة النسخ الخطية للزيارة.

وفي رأيي فإن هناك نقطة مهمة غفل عنها بعض من رد على المشككين وهي أن المشكك أراد من كل ذلك التطويل وحشو الكلام أن يثبت أن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) لم يلعنوا الظالمين بأسمائهم (وكما هو رأي جمهور أهل السنة!!) مع أن الروايات الكثيرة والمعتبرة سندا في مصادرنا كافية في إثبات ذلك، فتكون تلك الروايات أكبر شاهد على صحة اللعن الوارد في زيارة عاشوراء وإن قلنا بأن سند الزيارة ضعيف.

 

كلمة أخيرة للسادة القراء.

ج: أوصيهم أن يركزوا على الشعائر الحسينية بكل صورها من البكاء وحتى الإدماء، وأن يختاروا من المجالس ما يعمق ارتباطهم الفكري والمعنوي بسيد الشهداء (عليه السلام)، وأن يكثفوا من قراءتهم في فقه الشعائر الحسينية فإن الاعتراضات التي يوردها البعض حولها منشؤها الجهل أو قلة الباع، وقد تمت الإجابة عنها في كلمات الفقهاء الكبار، ومن جملة الكتب المفيدة في هذا الصدد كتاب فتاوى وعلماء الدين حول الشعائر الحسينية وكتاب الشعائر الحسينية في الميزان الفقهي وهو عبارة عن رد من الشيخ عبد الحسين الحلي على رسالة التنزيه للسيد محسن الأمين.

 

كلمة ونصح لشبكة أنصار الحسين عليه السلام.

ج: هناك فكرة يطرحها بعض معارضي الشعائر الحسينية وإن تظاهروا بخلاف ذلك، ويقولون أننا يجب أن نهتم بالأهداف التي تحرك لأجلها سيد الشهداء (عليه السلام) وليس الوسائل، ويعبرون عن هذه الفكرة بعبارات مختلفة فمرة يقولون: الحسين عبرة (بكسر العين) وليس عبرة (بفتح العين) ، وثانية يقولون: الإمام الحسين (عليه السلام) لم يستشهد لكي نبكي عليه.

وفكرة هؤلاء تعني أن نترك الوسائل الموصلة للهدف ونتوجه لوسائل أخرى تبعدنا عن الهدف، فالشعائر الحسينية هي التي حفظت مدرسة سيد الشهداء (عليه السلام) وأهدافها.

والطريف في الموضوع أن هذه الفكرة تبناها الظالمون كـ (رضا شاه) الذي عرف عنه بمحاربته للحجاب والعمامة والشعائر الحسينية.

وقد قام الكاتب الإيراني فرزانه نيكوبرش بإعداد كتاب حول النشاط السياسي لزعيم الحوزة العلمية في قم المقدسة الشيخ عبد الكريم الحائري، ومما كتبه حول ترويج رضا شاه للفكرة السابقة قوله:

في البداية منع رضا خان من مراسم العزاء والضرب بالسلاسل، وحضر في منطقة حي الدولة في محرم عام 1301هـ. ش (1922م) وأقام مجلس عزاء وبصورة بسيطة، وكان يريد أن يدخل التغييرات حتى في هذا المجلس بحيث يستبدل البكاء والنياحة بأمور أخرى، ويقول للعوام بأن تضحيات سيد الشهداء كانت من أجل الغيرة والشهامة وحب الوطن وعدم الاستسلام للظلم والاستقامة وغير ذلك، وأرادت أن تعلمكم هذه الأمور، فإن كنتم مؤمنين بإمامكم فعليكم أن تتعلموا هذه الأمور التي استوجبت عزة راية الاسلام.

لقد كان هدف رضا خان إبادة الشعائر الاسلامية ومراسم العزاء والتي تشكل الجذور الفكرية المذهبية للمجتمع، ولكنه لم يوفق لذلك...... لقد أعلن رضا شاه منع مراسم الرثاء والتطبير والضرب بالسلاسل، ولكن هذه المراسم استمرت في البقاء،.... وحملة رضا شاه لمنع جميع أنواع الشعائر بدأت عام 1930م وحتى عام 1932، وفي عام 1932م لم يشارك رضا شاه حتى في مجلس الرثاء. (بررسي عملكر سياسي آيت الله حاج شيخ عبد الكريم حائري يزدي ص115 – 116، الطبعة الأولى عام 2002م من شركة طباعة والنشر العالمية التابعة لمؤسسة انتشارات أمير كبير، طهران.. ونفس تبني هؤلاء الظالمين لهذه الفكرة يدعونا إلى الحذر منها وتحذير الآخرين منها.

اشترك معنا على التلجرام لاخر التحديثات
https://t.me/relations113
التعليقات